جولي بيونشيه: "صناعة فيلم عمل جماعي وإبداع مشرك"
هذه ترجمة لحوار أجراه موقع The Talks مع جولي بيونشيه ونشر بتاريخ الخامس والعشرين من نوفمبر لعام 2015
ما أكثرشيء تغير في حياتك في العشرين سنة الأخيرة؟
- ماذا تغير؟ لديّ ابنة (تضحك). آمل أن أكون قد ازددت وعيا وجنيت بعض المعرفة. يصعب عليّ إجابة هذا السؤال لا أعرف لماذا. من الأكيد أن بعض الكتب قد غيرت من تفكيري كما تعلمين. بالنسبة للعلاقات لا أعتقد أنّي قد تحسنت كثيراً فيها. كنت في علاقة لمدة خمسة عشر عاماً؛ توقفت وعدنا ثم توقفت وعدنا. وبشكلٍ ما هذه الفترة من الانفصال والعودة ساعدتني أن أصبح أقل حباً للتملك وأن أحب بطريقة مختلفة، لذا فربما أكون قد تحسنت بقدرٍ ضئيل في هذا. مضت الحياة وتعلمت بعض الأشياء، لكن تغيرات؟ أعتقد أنّ جوهرنا يظل كما هو.
ألا تعتقدين أّنا يمكن أن نتغير جذرياً؟
- الأفعال والاختيارات هي التي تشكِّلنا وتؤكد هويتنا. وأشعر أنّي قد اخترت الأشياء الأهم في حياتي. ولكن كامرأة ذات خبرة فلديك مزيد من القصص لتحكيها. أعماق مختلفة داخلك لاستكشافها. هناك حرية تأتي مع تقدم السن بسبب تغير قيمك. لا يمكنك التمسك بنفس الأشياء كما الماضي. هناك نوعٌ ما من الحرية فتصبحين على سجيتك أكثر. من ناحية تصبحين هشّة ولكن من الناحية الأخرى تأتي قوة مع هذا.
ماذا تعنين بالهشاشة؟
- حسناً، تتغيرين بدنياً وهذا يجعلك أكثر هشاشة . بهذه البساطة. هناك أشياء أخرى آتية؛ تتخلين عن أشياء ويتحتم عليك مواجهة أشياء أخرى. يجب عليك التغلب على أشياء معينة، الرغبة في السلطة وحب التملك والحاجة للمتعة. وفي الحقيقة هذه أهم ثلاث حاجات يتحتم على الإنسان مواجهتها في مرحلة ما. هذا تحدي. تحدي حقيقي. لكنّي أعتقد أنّك حين تتخذين قراراً جاداً بالتغلب عليها فهناك حرية تأتي معه وهذا ممتع لحدٍ ما. حين تتقبلين الأمر تشعرين "أوووه.. حرية!! أخيراً" ولكن تفتقدين لما يمكن التشبث به. جميعنا نحتاج لما يطمئنّا، أليس كذلك؟
حين تمثلين، هل تحتاجين لكثيرٍ من الحرية؟
- في فيلم قمت به حديثاً، أتذكر في اللقطة الأولى وضعت يدي على مقبض الباب. كنت أجرب شيئاً جديداً ولم أكن أعرف ما سأفعل. أردت أن استكشف قليلاً، أجرب أشياء مختلفة. بمجرد أن وضعت يدي على المقبض قال المخرج: "لا، أنت لا تضعين يدك على المقبض". فأخذت على غرّة لأن حتى مخرج بقدر عباس كيارستمي لا يقول هذا لي. لذا قلت له: "ستخسر الكثير من المعجزات والهدايا المحتملة لا أعرفها الآن ولكنّي استكشفها. فرجاءً دع متنفساً. أطلب منك أن تعطيني ثلاث محاولات بحرية وبعدها يمكن أن نستمر لعشرين أو أربعين أو سبعين مرة كما تريد" وهذا ما فعلناه وتفاهمنا جيداً بسبب هذا. لكنه كان فيلمه الأول لذا فلم يكن يعرف.
أتصور أنّ من الصعب على بعض المخرجين أن يتخلُّوا عن سيطرتهم هذه، فبهذا سيعتمدون على ما تقدمينه أنت.
- لكنّه عمل جماعيّ. إبداع مشترك. الاعتقاد بأن الفيلم هو رؤية مخرجه فقط اعتقادٌ خاطئ برأيي. يجب عليه أن يأخذ القرارات بعد كل شيء. ولكن أثناء عمل الفيلم وصنعه فهو بالتأكيد عمل مشترك. اعتمادنا على بعضنا البعض مهمّ للغاية، يمكنني أن أفسد رؤية المخرج إن أردت فأنا المؤدّي. ولدي عقد إن لم أُرِد أن أمثل بطريقة معينة فالقرار لي.
Embed from Getty Images
يبدو كتهديد…
- حسناً، لهذا يجب أن نكون أكثر ذكاءاً وثقة ببعضنا. يجب أن يثق بي ويجب أن أثق به. أكثرُ إمتاعاً أن نعمل بثقة متبادلة من أن نعمل مع "أنا من له السيطرة وسيكون لي الكلمة الأخيرة". يمكن للممثل أن يُظهر قوته وقت الأداء، في حين أنّ المخرج يستخدم قوته حقاً في المونتاج. إلّا إن كان عقدك يعطيك حق التقرير مثل بعض النجوم الأمريكيين الذين لن نسميهم ولكنهم يتحكمون في الفيلم.
ممثلون لديهم سلطة أكبر من المخرج؟
- نعم، أخبرتني إيمانويل بيرت عن عملها مع توم كروز. أرادت أن تستدرَّ بعض التعاطف مع شخصيتها في نهاية فيلم "مهمة مستحيلة" فذهب توم كروز للمخرج وقال "لا يمكنها لعب الدور هكذا". أراد التحكم بهذا والتأكد أن شخصيته تظهر بالشكل الأفضل ولهذه المرأة أن تبدو كعاهرة.
ذكرتِ عباس كيارستمي وعملتِ مع العديد من المبدعين المهمين على امتداد مسيرتك مثل جودارد، كرونينبيرج، كيشلوفسكي، مينغيلا وهانكه. أيّهم أكثر ميلاً للسيطرة؟
- هانكه هو أكثرهم سيطرةً. لكنه إلى جانب هذا يحترم الممثل. هو يعرف مدى صعوبة الأمر. لكن هناك لحظات يرغب فيها أن يسير كل شيء بدقة، وهذا جيد. هو لا يكره الإرتجال أو ما شابه، لكن من الصعب معرفة أن هذا الشخص محبٌ للسيطرة فلا تتطلقين العنان لنفسك كممثلة. حتّى تصلي لمرحلة "سأفعلها وأخاطر بعدم معرفة العواقب" يجب أن تجاهدي نفسك وتقولي لها: "افعليها يا جولي وثِقي بنفسك" حتّى إن غضب فلا بأس (تضحك) يجب أن تقولي هذا لنفسك! لأن الخيار الآخر هو أن تحاولي أن تكوني جيدة أكثر من اللازم. وفي التمثيل، إن حاولت إرضاء المخرج بشدة، أن تكوني مثالية، تفقدين صدق اللحظة. مثلما هي الحياة، إمّا أن تحاولي التحكم بكل جوانبها أو تعيشيها بحرية. الفارق واضح.
هل كنتِ قادرة على عَيْش حياتِك بحرية؟
- دائماً ما لاحظت أني اخترت ما قمتُ به بحرية. في البداية بقدرٍ أقل، بطبيعة الحال، لأني احتجت لتدبير تكاليف المعيشة. لكن الحياة ساعدتني كثيراً. يجب أن تكوني على ثقة أن الأشياء ستأتي في وقتها. من المريح أحياناً أ يجول بخاطرك "حسناً، أنا لا أعلم ما سيحدث في القادم من الأعوام" خاصة حين يكون لديك أطفال وفواتير للسداد، تتسائلين كيف سأتمكن من هذا، ويحدث أن تأتي لك الحياة بفاجئات. مفاجئات على نفس القدر من التحدي لمحاولتكِ إيجاد الحلول. إن كنت على ثقة بهذا فإخلاصكِ للحياة يختلف. لا تشعرين بنفس القدر من الوحدة بطريقةٍ ما.
Comments
Post a Comment